Tuesday, June 1, 2010



كانت تبلغ من العمر 22 عاما، ضاقت بها الدنيا ذرعا وأصبحت توصم بأنها بائرة و نحس وعانس و غير مرغوبة لأن أختها التي تصغرها تزوجت الصيف الماضي مع صبي يبلغ من العمر عشرين سنة يعمل في حانوت لبيع الحديد منذ أن ولد تقريبا لأن والده كان كذلك أيضا....

قررت البحث لها عن عمل بعد أن أضناها وأرهقها العيب والملاحظات الاجتماعية وهي التي تطمح أن تكون مستقلة وتختار حياتها بنفسها في مجتمع يرى المرأة بضاعة تنتج محليا و تعرض محليا وتباع محليا و تطلق قبل أن تتزوج محليا وتستهلك وتنتمي صلاحيتها محليا داخل الإطار الضيق للعائلة والمعارف والقبيلة، تعتبر المرأة عندنا بائعة هواء ويراها الموظفون من الرجال الشبقيين المكبوتين كذلك لأنها خرجت من بيتها للبحث عن وظيفة ليمارسوا عليها عنجرية وقطرسة رجولية ورثوها عن بقايا من رجال الشدة في الصحراء وغلظة يمارسونها في اغلب الأحيان على أنفسم....

كان للمرأة حظ وافر من الجمال والسذاجة والبراءة المصطنعة أو لنقل المزيفة التي تتسلح بها النساء عندنا كلما أرادوا اصطياد فريسة أو تمرير خطاب انوي تعلموا أنه لابد أن يخفى ليظهر ويكون فعالا، بعد أيام من البحث و التوسل إلى بعض الأقارب وجدت المرأة نفسها تقف أمام مدير كبير لمكتب فخم تم تعيينه على مرفق من مرافق الدولة ليحكم فيه ويبسط نفوذه ويعيث فيه فسادا تكريما له على بلاء حسن وتلاعب بمشاعر آلاف الأبرياء من أهل منطقته في أدغال موريتانيا الأعماق خلال الانتخابات السالفة.....

كان الذئب الذي يلبس ثياب رجل مسؤول ويلعب دور المخلص لها من براثن الاتكال و العنوسة الوظيفية التي لا يشعر بها الكثير من نسائنا بل يقتلونها بالحديث عن عنوسة الجنس، لأن الجنس عندنا رذيلة في حد ذاته و فضيلة في تصوره، ظلت العينان الثاقبتان تتفحصان وترمقان جسدها من أخمص القدمين حتى خصلات الشعر المتسللة من تحت طرف الملحفة، يبحث السيد المدير جائلا بخياله وفراسته وغريزته من اجل تخل مدى طزاجة ونضج الضحية الجديدة التي تسوقها له الأقدار.....

كانت نظرات الرجل تخترقها لتنزع ملابسها من فوقها وتجول عبر خلجات وسهول و بطاح وأودية وتعرجات جسدها. تنهد السيد المحترم بقبولها كسكرتيرة أو بالأحرى نديمة في حشمه وخدم بلاطة الإداري الذي تعج به الإدارة التي ليس فيها من العمل ما يستحق وجود أكثر من رجل واحد أو نصف رجل....

عندما تدخل أي إدارة أو مرفق عمومي في وطننا تجد في كل ركن امرأة تجلس على طاولة أمام شاشة حاسوب مغلق وكأنها تنظر في مرآته السوداء التي تعكس عبثية وجودها و سخافة الرحلة السيزيقية التي تعيدها كل يوم إلي نفس المكان في انتظار أن يتبرك منها السيد المدير أو الأمين العام أو حتى لعل أحد القادمين للتسكع أو الصحفيين المتسولين يمضي معها بضع دقائق يسألها عن فلانة وفلان وعن مزاج المسؤولين اليوم و هل هناك من السيولة ما يرغب على الإقدام وما يفتح شهية الموظفين للضحك و المرح.....

بعد أيام من العمل بدون عمل تقاضت الشابة المسكينة راتبا معتبرا وبدأت تندمج في حياة العمل، كان الراتب مجرد استدراج واستلطاف لها لترضخ للواقع ويسيل لعابها لتقع في مصيدة السيد المدير ولي نعمتها لتمارس معه الجنس في مكتبه أو تلتقي به في مكان ما يتم تحديده بناءا على خبرة المدير في استغلال النساء العاملات والكادحات من أجل لقمة العيش في مجتمع بدأ يشهد تحولات وتغيرات لا تعترف بالفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة.....

هذه مشكلة الكثير من النساء العاملات و اللواتي كن يحسبن العمل وظروفه تختلف عن ويلات المجتمع، لكنهن سرعان ما يكتشفن بأن حالهن أشبه بالمستجير من الرمضاء بالنار، في العمل تعاني النساء بين مطرقة الفراغ و الاستغلال الجنسي وسندان التهديد بالرفض أو الفصل التعسفي، أما في الأسرة فهن يقعن بين فكي كماشة المجتمع والعادات والتقاليد و اكراهات الحياة وتحولات المدينة.....

No comments:

Post a Comment